منهج اللغة العربية للصف الثالث الابتدائى الترم التانى 2021

يقترب القرد منادي الغابة من شاطئ البحيرة .. يضع كلتا يديه حول فمه وينادي بأعلى صوته:

-يا حيوانات الغابة يا عبيد الملك أعلن ملكُكُمُ الأسدُ عن جائزةٍ كبيرةٍ لمن يعالجُ مولانا الملك..

ولحينِ شِفاءِ الملكِ من مرضِهِ سيزيدُ حصَّتَهُ من لحومِكُم ثلاثَ حيواناتٍ يوميًّا..

وسيبدأُ العرضُ من الغد...

موعدُكُم الغدُ صباحًا للقاءِ الملكُ في ساحةِ الاجتماعاتِ أمامَ العرينِ ليُجْرِيَ قرعةً على ثلاثةٍ منكم ليكونوا وجباتٍ للغد..

ينصرفُ القردُ وسطَ همهماتِ الحيوانات وغضبهم المكبوت ..

الجاموس الوحشي:

- أخشى من هذا اللقاء ..ففي كل مرة نلتقي فيها بهذا الظالم تحدث كارثة تهدد أمننا..

فرس النهر:

- ليتني أغادرُ تلكَ الغابةَ الظالمُ ملكُها..

الحمار الوحشي:

-ستجدُ في كل غابةٍ ظالمًا ..يكفينا أننا عرفنا نقاطَ ضعفِه ..

الفيل :

-لم ينضجْ لحمي بعد ليتذوّقَهُ الملكُ أحتاجُ عامًا آخر..

وحيد القرن:

- الظالمون لا يهتمون بنوعيَّةِ اللّحومِ يا صديقي.. فقط.. يملأون بطونَهم منا.

الزرافة:

- أرى أن نُجْرِيَ القرعةَ من الآن حتى تستعدَ الفريسةُ منّا وتودعَ أسرتَها..

الدُّب:

-المشكلةُ في رائحةِ فمِ الأسدِ النتنةِ ببقايا اللحومِ بين أنيابِه ..أنا لا أطيقُ رائحتَه.. حينما يتحدثُ أُغلقُ أنفي حتّي ينتهي..

الغزالة:

- هيّا إلى بيوتِكم.. دعونا نسترِحْ وننتظرْ مصيرَنا في الغد..

ساحةٌ واسعةٌ متربةٌ تفوحُ برائحةٍ كريهة ..في الأمامِ عرينُ الأسدِ الذي يبدو كحفرةٍ عميقةٍ على ربوةٍ مرتفعةٍ عن الساحةِ قليلًا أمامها بقايا من هياكلٍ عظميةٍ متناثرةٍ وجماجمَ لحيواناتٍ كانت منذُ قريبٍ تملأُ الغابةَ حياة..

يخرجُ مُنادي الملك..يصيحُ بصوتٍ يخترقُ الآذان :

- مولانا الأسد...

- تصطفُّ الحيواناتُ كأنّها تقفُ في طابورِ الصباحِ؛ تحيَّةً لمانحِ الحياةِ ومانعها..

يخرجُ من العرينِ مستشارا الملك -الضبعُ والنمرُّ- اللّذان ينحنيانِ ركوعًا ثم يصيحانِ بصوتٍ متناغم :

- عاشَ الملك..عاشَ سيِّدُ الغابة.

يخرجُ الملكُ متكاسلًا ومتثائبًا..يرفعُ رأسَهُ عاليًا، فاتحًا فمهُ عن قصدٍ ليُبدِى أنيابَهُ الكبيرةُ، ثم عابسًا :

- هل توصَّلَ أحدُكُم إلى علاجٍ لمرضي؟

يتقدَّمُ الفيلُ راكعًا وخافضًا خرطومَه بانحناءةٍ للخلف:

- مولانا الملك ..لم يخبرْنا المُنادي بأعراضِ مرضِكُم سيِّدي..

- من أنت؟! ألستَ الفيلَ الغبيَّ الّذي يتِيهُ ببدنِهِ الضّخم؟

- خادمُكُم مولانا.

- أيها الغبيُّ ألا ترى أنّني متكاسلٌ ودائمُ التثاؤبِ على غيرِ عادتي، وأفقدُ حاسّةَ الافتراس ..

النمِرُ مازال راكعًا وعيناهُ تتحركانِ بزاويةٍ دائريَّةٍ:

- مَولَايَ الملِك، في الغابةِ ثلاثةُ أطبّاءٍ " فرسُ النهرِ والغزالةُ والثعلبُ"

الأسدُ بغرورٍ:

- إذن نبدأُ بإجراءِ القرعةِ أولّا على وجباتِ غدي الثَّلاث، ثم نَستدْعِي الأطِبَّاء..

الضَّبع:

-مولايَ، وهل سيأْبَي أحدُهُم إنْ وقعَ عليهِ الاختيارُ دونَ قُرعَة.. سيِّدي اخترْ ما شئْتَ من لحومِهم، وليكْفِهِ فخْرًا أن تُخَلِّدَهُ الغابَةُ لاصطفائِكَ له..

الأسدُ رامِقا مستشارَه :

- وانت يكفيكَ بقايَاهُ أيُّها الخبيث.

الضبع:

- كلُّنَا عبيدُك يا مَولَاي..

راضيًا يهُزُّ الأسدُ لبْدَتَهُ ثم ينظرُ لصفوفِ الحيواناتِ المتراصّةِ على هيئةِ قوسٍ، يقترُبُ فيسمعُ دقّاتِ قلوبِهم المتدافعةِ نحو مصيرِها المحتوم..

- إذنِ اصطفيْنَا لإفطارِنَا الحمارَ الوحشي، ولغدائِنا وحيدَ القرنِ ولعشائِنا الجاموسَ الوحشيّ..

تصطكُّ أسنان الفرائسِ المُستَهْدَفَةِ .. توشِكُ أن تسقطَ على الأرض ..بسرعةٍ خاطفةٍ تهجُمُ مجموعةٌ من الفهودِ عليها وتقيِّدُها ثم تقتادُها إلى داخلِ العرين..

الأسدُ يعودُ إلى كرسيِّهِ على منصَّةٍ أعلى الرَّبوة.

يصيحُ:

- أين الأطبّاءُ ؟

فلنبدأ بالطبيبِ الأوَّلِ.. نادوا على فرس النهر.

يضعُ القردُ يديْهِ حولَ فمِه ويصيحُ :

- تقدَّمْ أيُّها العبدُ..

يتقدَّمُ فرس النهر على مهلٍ لا تقوَى قوائِمُهُ على حمْلِهِ.. ينحَنِي راكِعًا ..

الأسد : أَرِنَا مالديْك يا صديقَ النَّهر..

فرسُ النهر : سيِّدِي ومَوْلَايَ.. أرى أن سببَ مرضِكَ هو تشبُّعُكَ من أكلِ لحومِنا.. لِذَا أقترحُ سيّدِي أن تتناولَ وجباتٍ نباتيّةٍ لمدّةِ عامٍ كامل.

يضربُ الأسدُ الأرضَ بقدميهِ الأماميتين مُصْدرًا زئيرًا مُفزعًا غطّى صداهُ الغابةَ فألجَأََ الطُّيورَ الحرَّةَ إلى الهروب..

- تريدُيني أن أجوعَ أيُّها الهالِكُ؟! حكمْنا عليكَ أن تكون وجبةَ إفطارِي لبعدِ غد..

بغيظٍ ينظرُ إلى القرد:

أينَ الهالكُ التّالي؟

يُنادي القردُ على الغزالة..

تتقدَّمُ الغزالةُ برشاقةٍ مدَّعيَةً الشجاعةَ وعدمَ الخوف..

الأسد ساخِرًا: وأنتِ ماذا لديكِ يا جَميلتي؟

الغزالة: مولايَ أعطني أمانًا..

الأسد: أنت آمنة حتى تجدي علاجًا لي ..

الغزالة: مولايَ ..أرى أن سرَّ علاجِك في الزَّواج ..تزوَّجْ مولايَ وسوف تشاركُكَ الملكةُ يومَك السعيد، وتعيدُ شبابَك.. فالنساءُ يا مولاي يبغضن الرَّجلَ الكسُول ..

الأسد مقهقهًا: إذن سنحتاجُ المزيدَ من لحومِكُم يا لذيذةَ اللحمِ، وقد حكمْنا عليكِ أن أن تكوني وجبةً شهيّةً لغدائِنا بعد الغد ..

ينقضُّ الفهدُ على الغزالةِ فيشلُّ حركتَها ويقذفُها داخلَ العرين..

من جديدٍ يُنادي القردُ على ثالثِ الأطبَّاء:

- الثّعلبُ فليتقدّمِ الثّعلبُ ..

يتقدّمُ الثّعلبُ بثباتٍ من خلفِ الصُّفوفِ مرتديًا قناعَ الحكمةِ ..يركعُ ثم يسجدُ ومن ثمّ يتلو تعويذةً بكلماتٍ غيرَ مفهومةٍ.

الأسدُ يبدو عليه الدهشة :

- ماذا تقولُ أيُّها الماكِر..

- مولايَ أنا على اتصالٍ بالعالمِ السُّفْلي، فشهادتي في الطبِّ حصلتُ عليها من معلمي الأولِّ كبيرِ أطباءِ الجِنِّ والآن أستشيرُهُ بشأنِ مرضِكَ النادر..

يقفُ الأسدُ منتصبًا وتبدو عليه إماراتُ القلق..

الأسد:

-وماذا قالَ لك كبيرُ أطباءِ الجِنِّ ؟

الثعلب:

-مولاي، يقولُ إن سببَ التثاؤبِ عُضويّ ، وأن جيناتِ الكسلِ تسكنُ أنيابَكَ وعلاجُكُ الوحيدُ في اقتلاع أنيابك.

يضعُ الأسدُ حوافرَهُ على فمِهِ قائلًا:

- وكيف ألتهمُ فرائِسي؟

ينظرُ الثعلبُ إلى أعلى متمتمًا بذاتِ التعويذةِ.. يُنصتُ قليلّا، ثم يغمض عينيه قليلًا ..يفتحهما ثم ينظرُ للأسدِ قائلًا:

- مولاي يقولُ رئيسُ أطباءِ الجنِّ لا تخشَ شيئًا، فسوف تنمُو أنيابُكَ قريبًا، وستكون أكثرَ قوةً وحِدَّة..

الأسدُ متردّدًا ومتحسّسًا أنيابَهُ بحوافِرِه:

- توكّلنا على الله ..أمري لله..

يفتحُ الأسدُ فمَهَ برائحتِهِ الكريهة، يستدعي الثعلب الفيل ليساعده في تثبيت أطراف الأسد ثم يرتدي كمامتَهُ مُمْسكًا بكمّاشةٍ حادّةٍ، ويبدأُ في اقتلاعِ أنيابِ الأسدِ واحدًا تِلوَ الآخرِ غير آبِهٍ لتأوُّهاتِ الأسدِ وأوجاعِهِ ودمائِهِ التي تسيلُ كشلّالٍ يُرْوي الأرض..

يفقدُ الأسدُ وعيَهُ، فيحملُهُ مستشاراه إلى داخلِ العرين..يأمر القردُ الحيواناتِ بالانصراف..

بعد أسبوعٍ.

يخرج القرد من العرين الذي تختفي منه ولأول مرة تلك الروائح الكريهة التي كانت تميزه ..

يستدعي القردُ الحيواناتِ.. مرَّةً أُخرى يصطفُّ العببدُ على شكلِ نصفِ دائرة..

يصيحُ القردُ :

مولانا الأسد..

يتقدُّمُ مستشارا الأسدِ.. ينحنيانِ راكعينِ ثم يردِّدان:

- عاشَ الملك ..عاشَ الملك

يخرجُ الأسدُ مستندًا إلى كَتِفِ الثعلبِ، وقد تورَّمَ فمُهُ..ضاغطًا على شفتيْهِ حتي لا تظهرَ حُفَرُ فكَّيْهِ الفارغينِ من أسلحتِهما..

يجلسُ الأسدُ على كرسيِّه منهكًا، فاقدًا ربعَ وزنِهِ فلم يتناولْ اللحمَ منذُ أسبوعٍ ..فقط عصيرُ المانجو الذي ينفرُ منه..ثم ينظرُ للثعلبِ باستعطافٍ قائلًا:

- لماذا لم تنبُتْ مخالبِي بعدُ؟ ألم تعِدْنِي بنموِّها سريعًا؟ ثم لماذا مازلتُ أشعرُ بالكسلِ والتثاؤب؟

من جديدٍ ينظرُ الثعلبُ إلى أعلى رافعًا يديْهِ متمتمًا بكلماتٍ غيرِ مفهومة ..ثم يرتعدُ ويتصبَّبُ عرقًا. ينصت قليلا، ثم يغمضُ عينيْهِ ويفتحُهما ناظرًا بنصفِ ابتسامة للأسد قائلًا:

-مولاي، يقولُ كبيرُ أطباءِ الجنِّ أن الكسلَ فرَّ هاربًا من أنيابِكَ التي لا ترحمُ إلى مخالِبِكَ الحادّة، ولامفرَّ منِ اقتلاعِ مخالِبِكَ يا مولاي.

الأسدُ مُنتفِضًا:

- وكيف سأفترسُ الحيواناتِ بعد أن أفقدَ أسلحتي؟

- مولاي، يقولُ كبيرُ أطباءِ الجنِّ ستنْبُتُ مخالبُكَ ومعها أنيابُكَ بعد شهرٍ منَ الآن..

ضاربًا ظِفرًا بظٍفرٍ، مودِّعًا أسلحتَهَ التي لطالما مزَّقت فرائِسَها المسكينةَ بلا رحمةٍ :

- توكلنا على الله..أمري لله!!

يشير الثعلب إلى مساعده الضخم ليشلّ حركة الأسد ..

ثم يُمسكُ بكمَّاشتِهِ الحادّةِ ويبدأُ في اقتلاعِ أظافرِ الأسدِ ظِفرًا ظِفرًا..

يصرخُ الأسدُ عاليًا من الألم .. من جديدً يفقدُ وعيَه ومعَهُ سلاحَيْهِ..

يحمل مستشارا الأسد المجرد من أسلحته ويخرجون بعيدًا عن العرين وهم ناكسو رؤوسهم..

يلتفِتُ الثعلبُ إلى حيواناتِ الغابةِ، مشيرًا بسبّابتهِ إلى رأسه قائلًا:

- يا حيواناتِ الغابةِ، لقد عادتِ الغابةُ ملكًا لكم.. الآن تحرَّرْتُم من قيودِ الظلم.

العدل العدل ..العقل العقل..

تهتفُ الحيوانات :

يحيا العدلُ يحيا العدلُ

عاشَ العقلُ عاشَ العقلُ

يسدل الستار ...